الشرع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كان الصحابة – رضي الله عنهم – في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخذونه أسوةً حسنة ومرجعاً في جميع أمورهم، ومرشداً في كل شؤونهم، وكانوا يترسمون خطواته، ويتبعون إرشاداته، ويأخذون منه أحكام الله وآياته؛ امتثالاً لقوله تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِر) [الأحزاب: 21].
وكانوا إن نزلت بهم نازلة أو عرضت لهم مشكلة، يهرعون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبينون منه حكم الله في ذلك؛ تحقيقاً لقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [النساء: 59].
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتيهم ويشرع لهم ويبين لهم حكم الله في ذلك بآيات من القرآن العزيز ينزل عليه بها الوحي، أو بسنة من قول يبلغه لهم أو فعل يفعله أمامهم فيقتدون به، أو يقرهم على ما فعلوا إن كان صوابا؛ فالسنة تشمل ما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير.
وأيّاً كان طريق البيان، فلا يخرج عن الوحي من الله سبحانه وتعالى، إذ إن الوحي تارة يكون قرآناً وهو الوحي المتلو، وتارةً يكون سنة للنبي صلى الله عليه وسلم وهو الوحي غير المتلوّ، وقد قال الله تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [سورة النجم3-4] وقال تعالى: (وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) [النساء: 113] والحكمة هي السنة.
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما إن يتعرفوا حكم الله عن طريق كتاب أو سنة حتى يبادروا إلى الانصياع إلى أمر الله تعالى عن رضا ً من غير تردد؛ تحقيقاً لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) [الأحزاب: 36].
هكذا كانت حال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنهم ما كانوا يفزعون إلى السؤال إلا عند الحاجة القصوى الملحة إليه، فلم يكونوا يفترضون المسائل افتراضاً، ثم يسألون عنها؛ إذ كانت كثرة السؤال مما لايُحمد عليه فاعله؛ بل وقد ورد النهي عنه، والتشنيع على مرتكبه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ) [المائدة: 101].
وجاء فيما رواه البخاري ومسلم: “إن أعظم المسلمين في المسلمين جُرماً من سأل عن شيء لم يحرَّم على المسلمين فحرّم عليهم من أجل مسألته”. وجاء في صحيح مسلم: “ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم”. وفي البخاري ومسلم: ” إن الله كَرِهَ لكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال”.
ولقد صوّر لنا ولي الله الدهلوي في كتابيه (حجة الله البالغة) و(الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف) حالتهم هذه تصويراً دقيقاً؛ حيث قال: اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن الفقه في زمانه الشريف مدوناً، ولم يكن البحث في الأحكام يومئذ مثل بحث هؤلاء الفقهاء؛ حيث يبنون بأقصى جهدهم الأركان والشروط والآداب، كل شيء ممتاز عن الآخر بدليله، ويفرضون الصور من صنائعهم، ويتكلمون على تلك الصور المفروضة، ويحدون ما يقبل الحدَّ، ويحصرون ما يقبل الحصر إلى غير ذلك، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يتوضأ فيرى أصحابه وضوءه، فيأخذون به من غير أن يبين هذا ركن وذلك أدب، وكان يصلي فيرون صلاته فيصلون كما رأوه يصلي، وحج فرَمَقَ الناس حجَّه ففعلوا كما فعل، وهذا كان غالب حاله صلى الله عليه وسلم، ولم يبين أن فروض الوضوء ستة أو أربعة، ولم يفرض أنه يحتمل أن يتوضأ إنسان بغير موالاة، حتى يحكم عليه بالصحة والفساد إلا ما شاء الله، وقلما كانوا يسألونه عن هذه الأشياء.
عن ابن عباس قال: ما رأيت قوماً كانوا خيراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سألوه إلا ثلاث عشرة مسألة حتى قُبض، كلهن في القرآن.
قال ابن عمر: لا تسأل عما لم يكن، فإني سمعت عمر بن الخطاب يلعن من سأل عما لم يكن. قال القاسم: إنكم تسألون عن أشياء ما كنا نسأل عنها، وتُنقّرون عن أشياء ما كنا ننقر عنها، وتسألون عن أشياء ما أدري ما هي ولو علمناها ما حل لنا أن نكتمها.
عن عمرو بن إسحاق قال: لمن أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ممن سبقني منهم، فما رأيت قوماً أيسر سيرة ولا أقل تشديداً منهم.
وعن عبادة بن نُسَيّ الكندي: سُئل عن امرأة ماتت مع قوم ليس لها ولي فقال: أدركت أقواماً ما كانوا يشدّدون تشديدكم، ولا يسألون مسائلكم.
وكان صلى الله عليه وسلم يستفتيه الناس في الوقائع فيفتيهم، وترفع إليه القضايا فيقضي بها، ويرى الناس يفعلون معروفاً فيمدحه، أو منكراً فينكر عليه، وما كل ما أفتى به مستفتيا عنه، وقضى به في قضية أو أنكره على فاعله كان في الاجتماعات. انتهى كلام الدهلوي.
وقد أوضح ابن القيم مراد ابن عباس في قوله: “ما سألوه إلا ثلاث عشرة مسألة” فقال: هي المسائل التي حكاها الله في القرآن عنهم، وإلا فالمسائل التي سألوه عنها وبين لهم أحكامها بالسنة لا تكاد تحصى، ولكن إنما كانوا يسألونه عما ينفعهم من الواقعات لم يكونوا يسألونه عن المقدرات والأغلوطات وعضل المسائل، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها؛ بل كانت هممهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به، فإذا وقع بهم أمر سألوه عنه فأجابهم.
فهذه هي حال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباع واقتداء وعمل بكتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والكتاب والسنة هما المرجع للصحابة، وهما مصدرا الفقه والتشريع في عهده صلى الله عليه وسلم.
ثم انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، ولبّى نداء ربه تاركاً لأمته شيئين ما إن تمسكوا بهما لن يضلوا بعده أبداً: كتاب الله الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تركه محفوظا في الصدور، ومكتوباً جميعه على ما تيسر من وسائل الكتابة آنذاك، وسنته الشريفة محفوظة في صدور أصحابه، وإن كان قد كُتِبَ شيء منها، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: “تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه”.
ولكنه إلى جانب ذلك قد ترك أصحاباً له عاشروه في حياته، وفي سفره وفي حضره، وشاهدوا أفعاله، واستمعوا إلى أقواله، وشاهدوا نزول الوحي، واطلعوا على أسبابه ومقتضياته، فحصل لهم بذلك ملكة فقهية يتعرفون بها حكم الله فيما يجدُّ من أمور، من خلال كتابه وسنة نبيه.
قال أبو إسحاق الشيرازي: اعلم أن أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين صحبوه ولازموه كانوا فقهاء؛ وذلك أن طريق الفقه في حق الصحابة خطاب الله عز وجل وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم وما عقل منها؛ فخطاب الله عز وجل هو القرآن، وقد أنزل ذلك بلغتهم، على أسباب عرفوها، وقصص كانوا فيها، فعرفوها مسطورة ومفهومة، ومنطوقة ومعقولة؛ ولهذا قال أبو عبيدة في كتاب المجاز لم ينقل أن أحداً في الصحابة رجع في معرفة شيء من القرآن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً بلغتهم، يعرفون معناه، ويفهمون منطوقه وفحواه، وأفعاله هي التي فعلها من العبادات والمعاملات والسير والسياسات، وقد شاهدوا ذلك وعرفوه، وتكرر عليهم وتحرّوه.
ولم يكن هناك خلاف في المسائل الفقهية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه كان هو المرجع لهم في أحكامهم وقضاياهم.
سبب نشأة المذاهب الفقهية:
ولكن لم يكد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرغون من دفنه في قبره المطهر، حتى رأوا أنفسهم أمام مسائل كثيرة لم يرد في الإجابة عنها نصٌّ صريح من كتاب أو سنة، ولقد كان في طليعة هذه المسائل والمشكلات قضية منصب إمامة المسلمين والخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكان الأنصار يرون أنفسهم أحق بالخلافة من غيرهم؛ لأنهم آووا الرسول ونصروه، وإليهم كنت هجرته، وفيهم كانت إقامته ووفاته.
وكان المهاجرون يرون أنفسهم أحق بها؛ لأنهم من قريش قوم النبي صلى الله عليه وسلم وعشيرته، وأوسط العرب داراً، وأعربهم أحساباً، وتمسكوا بحديث (الأمة من قريش). وكان أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَرون أنهم أولى الناس بذلك لما لهم من القرابة والعصوبة.
حتى حسم أبو بكر الخلاف وقام فيهم خطياً يوم السقيفة، وذكرهم بأحقية قريش بهذا الأمر، فقام عمر فبايعه وبايعه المهاجرون ثم الأنصار.
ثم تتابعت المسائل مسألة تلو الأخرى، وكل مسألة تطلب الحل العاجل لها، فلم يكد أبو بكر يفرغ من مبايعة الناس له حتى واجه مسألة الردَّة، فرأي قوماً يمتنعون عن أداء الزكاة مع إقرارهم بالإسلام وإقامتهم الصلاة، فماذا يصنع بهم، وهل تجوز مقاتلتهم، فقال له عمر: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عَصَمَ مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله” فقال أبو بكر: واالله لأُقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو مَنَعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على مَنْعِهِ. فقال عمر: فما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعلمت أنه الحق.
وكذلك عرضت فكرة جمع القرآن الكريم في صحف لما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة، فخشى عمر أن يذهب شيء من القرآن فأشار على أبي بكر بجمع القرآن فشرح الله صدر أبي بكر لذلك، وأمر زيد بن ثابت بجمع القرآن، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك إلى غير ذلك من المشكلات والمسائل مما لم يرد جواب عنه في نص كتاب أو سنة.
كان من جراء ذلك أنهم لا بد من أن يستعملوا الاجتهاد والرأي ليتوصلوا إلى معرفة الحكم في هذه الأمور؛ فاللجوء إلى الاجتهاد والرأي ضرورة مُلحة لتبين الأحكام لهذه القضايا، ولقد نبغ في هذه الحقبة جملة من أصحاب الرأي، يحمل لواءهم عمر ابن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وممن اشتهر بالاجتهاد والرأي في الفتوى أبو بكر الصديق، وزيد بن ثابت، وأُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وعلي بن أبي طالب – رضي االه عنهم أجمعين-.
إلى جانب هذه الفئة من الصحابة ممن كان يستنجد بالاجتهاد بالرأي إذا أعوزها وجود الحكم في نص من كتاب أو سنة، كانت فئة أخرى تمتنع عن الإفتاء بالرأي تورعاً وإنما تقتصر على ما رأته أو سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي مقدمة هذه الفئة كان عبد الله بن عمر بن الخطاب؛ فقد روى الدارمي عن جابر بن زيد أن ابن عمر لقيه في الطواف فقال له: يا أبا الشعثاء إنك من فقهاء البصرة فلا تفتِ إلا بقرآن ناطق، أو سنة ماضية، فإنك إن فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت.
وكان يُسأل عن المسألة فيجيب بما رآه أو سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أخرج الترمذي عن جبلة بن سُحَيم أن رجلاً سأل ابن عمر عن الأضحية أَواجبة هي؟ قال: ضَحى النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون. فأعادها فقال: أَتُعقل؟ ضحى النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون.
وروى الترمذي أيضاً عن الزبير بن عربي أن رجلاً سأل ابن عمر عن استلام الحجر فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله. فقال الرجل: أرأيت إن غُلبت عليه أرأيت إن زوحمت. فقال ابن عمر: اجعل أرأيت باليمن رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله.
وفي مسند الإمام أحمد عن زياد بن جبير: أن رجلاً سأل ابن عمر عن رجل نَذَر أن يصوم يوماً فوافق يومئذٍ عيد أضخى أو يوم فطر؟ فقال ابن عمر: أمر الله بوفاء النذر، ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم هذا اليوم.
وروى أبو داود وابن ماجه عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة”.
ومع وجود هذين الاتجاهين وضعت بذرة مدرسة الرأي ومدرسة الحديث اللتين نَمَتا وترعرعتا فيما بعد، وأصبح لكل مدرسة خصائص ومميزات وأتباع.
لقد كان الفقه زمن الصحابة يدور في البحث عن أحكامه على الكتاب ثم السنة، ثم إعمال الرأي إن لم يوجد في المسألة نص من كتاب أو سنة.
ولقد كان المفتون في ذلك العصر على طرائق قدد؛ فمنهم من كان يتوسع في الرأي، ويتعرف المصالح فيبني الأحكام عليها؛ كعمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود؛ ومنهم من كان يحمله التورع والاحتياط على الوقوف عند النصوص، والتمسك بالآثار؛ كعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص.
فلما تفرق الصحابة في الأمصار قضاةً ومفتين ومعلمين، ورَّثوا علمهم وطرائقهم في البحث والاستنباط من خلفهم، ممن حمل لواء العلم.
فكان من التابعين وتابعيهم من يتحاشى القول بالرأي والاجتهاد، فرُوي عن ابن سيرين أنه كان لا يقول برأيه إلا شيئاً سمعه.
وذُكر عن عطاء: أنه سُئل عن شيء فقال: لا أدري. فقيل له: أَلا تقول فيها برأيك؟ قال: إني أستحي من الله أن يدان في الأرض برأيي.
وذُكر عن الشعبي قال: إياكم والمقايسة، والذي نفسي بيده لَئِن أخذتم بالمقايسة لتحلّن الحرام ولتحرّمن الحلال، ولكن ما بلغكم عمن حفظ من أصاب محمد صلى الله عليه وسلم فاعملوا به.
ونُقل عن الشعبي أيضاً أنه قال: ما حدثوك هؤلاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ به، وما قالوه برأيهم فألقه في الحشّ.
كما كان منهم من اشتهر بالقول بالرأي؛ كربيعة الرأي وعلقمة بن قيس النخعي وإبراهيم بن يزيد النخعي، فكان هذا وذاك أول ما نبتة لِما جاء فيما بعد من اختلاف المدارس الفقهية التي نمت وآتت ثمارها وخيراتها، وأصبح لكل مدرسة من هاتين المدرستين مميزات وخصائص معينة وأتباع، حتى تطورت العلاقة بين المدرستين وأخذت شكلاً من أشكال التنازع والتنافر، وكان من جراء هذا التنازع ما أشاعه المحدّثون من أن مذهب أبي حنيفة يخالف الحديث في كثير من آرائه الفقهية، وإن أغلب الأخبار التي لم يعمل بها الحنفية لم تصح من خلال منهجهم النقدي في قبول الأخبار، أو في كيفية فهم الحديث وتأويله، وما كان هذا شأنه لا يُحكم فيه على أحد بمخالفة الحديث. ولعل عبارة الإمام أبي حنيفة التي يقول فيها: “إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس، وإذا جاء عن الصحابة نختار من قولهم، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم” لَتُعَدُّ أنموذجاً فريداً لنقد الحنفية للحديث الشريف وطريقة منهجهم في التطبيق الفعلي للسنة.
المؤلف: د.كيلاني محمد خليفة
2 تعليقان. Leave new
دكتور كيلانى محمد خليفة ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ونحن نستعد لاستقبال فجر يوم جديد هنا فى مدينة القاهرة، وأسمع الآن صوت الحق ينادى أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، لا بسعنى إلا أن أدعو لك ولأساتذة المسؤولين عن موقع مسجد صلاح الدين، أن يوفقكم الله تعالى وتبارك فى علاه لِما فيه صلاح الأمة، ويمتعكم بالصحة والعافية، ويبارك مسعاكم الخيّر، ويسدد على طريق الخير خطاكم. تقبل منا ومنكم صالح الأعمال، دمتم بألف خير..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
«الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات».
من دعاء الداعية الإسلامى دكتور محمد راتب النابلسى جزاه الله خيرا. وجب أن نعزو الدعاء إليه، فهو من الأدعية المباركة حقيقةً.
نشكركم على إنشاء موقع مسجد صلاح الدين، على الشبكة الدولية للمعلومات، فهو من المواقع الإسلامية المباركة التى تضىء بأنوارها المباركة، الشبكة الدولية للمعلومات جنبا إلى جنب مع المواقع البحثية العلمية فى العلوم النافعة كافة.
وفقكم الله تعالى وتبارك فى علاه إلى ما فيه خير وصلاح الأمة.
دمتم بألف خير..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته