واما ربا القروض وهو ربا القرآن، وهو ربا حقيقي، وهو الربا الجاهلي، وعن ربا البيوع وهو الربا المحمول على الربا الحقيقي ربا السنة، لأن السنة حرمته، وهو الربا الخفي، فربا القروض هو الربا الجلي، وربا البيوع هو الربا الخفي، وهذا التحريم متعلق بالفطرة، فالإغريق والرومان وفلاسفة الأرض في قديم الزمان وجدوا في الربا تحطيماً للمجتمع، والأصل في ذلك أن المال لا ينبغي أن يلد المال، إذا ولد المالُ المال تجمعت الأموال في أيدٍ قليلة لكن الأعمال النافعة الزراعية والتجارية والصناعية والخدمية هي التي يجب أن تولد المال.
ما هي التدابير العامة الواقية من الربا؟ ما البديل؟ أين النظام الاقتصادي في الإسلام؟ ما البديل الذي يحقق مطالب الناس؟ الحقيقة هناك ملاحظة وهي ان النظام الإسلامي هو نظام متكامل، أي مستحيل أن تأتي إلى إنسان مادي النزعة مقطوع عن الله عز وجل وتقول له: إياك أن تقرض قرضاً بفائدة لأنه حرام، فيتهمك بالجنون ويقول لك: أأجمد أموالي؟ ويحدثك عن التضخم النقدي، وعن انهيار العملة، وأن كل قرض حسن إتلاف للمال!
الإيمان بالله هو الوقاية الأولى من الربا
إن التدبير الأول الواقي من الربا أن تكون مؤمناً بالله، إنك إن كنت جائعاً وأمامك طبق نفيس وسلاح مشهور أمام رأسك إن ان أكلت يطلق النار فهل تأكل ام لا؟ طبعا مستحيل ان تأكل!
السمع و الطاعة وعدم الإصغاء إلى الشيطان، الإنسان حينما يتوهم أن للشيطان سلطاناً عليه فهو ضعيف الإيمان بآيات الله عز وجل، وهو سبحانه يقول: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾
أي ان هناك شيء واضح وضوح الشمس أنه حلال، و هناك شيء واضح وضوح الشمس أنه حرام، و هناك أشياء مشتبهة، فعلامة الورع أن الذي اشتبه عليه يدعه ورعاً، يدعه و يستريح عمر بن الخطاب رضي الله عنه و أرضاه قال: “تركنا تسعة أعشار الحلال مخافة الربا”. (دع ما يَريبك إلى ما لا يريبك). [الترمذي عن الحسن بن علي] إذا اشتبه عليك أمر فدعه و استرح. “تركنا تسعة أعشار الحلال مخافة الربا”، وروى الإمام البيهقي عن ابن سيرين أن أبي بن كعب رضي الله عنه أهدى إلى عمر بن الخطاب من ثمرة أرضه فردها عمر رضي الله عنه، وسيدنا عمر أمير المؤمنين عملاق الإسلام الإمام العادل الرحيم، وأحد الصحابة الكرام يحب أُبَيّاً حباً جماً وله أرض فيها بستان و عنده فاكهة، ماذا فعل هذا الصحابي؟ قال: أهدى إلى عمر بن الخطاب من ثمرة أرضه طبقاً من فاكهة بستانه، وهذا شيء طبيعي جداً، ماذا فعل هذا الصحابي؟ سيدنا عمر ردها، الهدية ترد؟ لا ترد، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم:(قَالَ تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ وَلا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ شِقَّ فِرْسِنِ شَاةٍ) [ الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ] فهذا الصحابي الجليل ما زاد على أن قدم هدية لسيدنا عمر فردها عليه فقال أبي: يا أمير المؤمنين لِمَ رددت عليّ هديتي وقد علمت أني من أطيب أهل المدينة ثمراً؟ هذا بستاني أعمل به بعرقي وكدّ يميني، وهذه من ثمار بستاني وقدمتها لك هدية أسوةً برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له عمر: قد علمت أني أسلفتك عشرة آلاف درهم، وخشيتي أن يكون لهذه الهدية صلة بالقرض لذلك رددتها عليك.
اكل الربا ومضاره
أكل الربا له مضار كثيرة جداً من أبرزها: ارتفاع الأسعار، وانتشار البطالة، ووقوع العداوة والبغضاء والحقد بين طبقات المجتمع، ومن أبرزها أيضاً حرمان الأمة من أي مشروع إنمائي يعود…