وسوم: كتب عقائدية
عدد المشاهدة 3,684 مشاهد

كتاب: تبصرة الأدلة للامام النسفي

أبو المعين النسفي صاحب كتاب “تبصرة الأدلة” في أصول الدين (بالأوزباكستانية: Абу Муъин Насафий) يعد واحدا من أهم وأشهر علماء الماتريدية من بعد مؤسسها أبو منصور الماتريدي، وهو المدافع الأول عن آراء الماتريدي، وهو في الماتريدية كالباقلاني والغزالي والفخر الرازي في الأشعرية، كما أن كتبه فى الماتريدية تأخذ أهمية كتب الشهرستاني في المذهب الأشعري، وقد ناصر مذهب الماتريدي بقوة، وزاد المذهب شرحا وتفصيلا، واهتم بالدفاع عنه ورد على آراء خصوم الماتريدية من معتزلة وجهمية وكرامية وباطنية وغيرهم، وقد ذكره رفيع الدين الشرواني في الطبقة السادسة في “طبقات أصحاب الإمام الأعظم أبي حنيفة”، ومن أهم كتبه: تبصرة الأدلة، والتمهيد، وبحر الكلام. ولأبي المعين مؤلفات كثيرة إلا أنه اشتهر بين المترجمين له، والمتعاملين مع علم الكلام الأشعري والماتريدي بصاحب التبصرة أو تبصرة الأدلة. وممن ترجم له: عبد القادر القرشي في “الجواهر المضية في طبقات الحنفية”، وعبد الحي اللكنوي في “الفوائد البهية في تراجم الحنفية”، وابن قطلوبغا في “تاج التراجم”، والكفوي في “كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار”، وحاجي خليفة في “كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون”، والباباني البغدادي في هدية العارفين، وغيرهم.

ولد أبو المعين وعاش في القرن الخامس وبداية القرن السادس الهجريين، واتفقت كتب التراجم على تسميته ميمون بن محمد بن محمد النسفي، وعلى تكنيته بأبي المعين، لكنهم اختلفوا في أسماء أجداده. والمدرسة التي نما وترعرع في أحضانها، وتتلمذ فيها كانت أسرته، فأبوه محمد بن محمد بن معتمد يروي عنه النسفي كتاب العالم والمتعلم لأبي حنيفة كما يدل النص التالي: “قال أبو الحسن علي بن خليل الدمشقي: أنبأنا أبو الحسن برهان الدين علي بن الحسن البلخي عن أبي المعين ميمون بن محمد النسفي عن أبيه عن عبد الكريم بن موسى البزدوي عن الإمام أبي حنيفة”. وجده الثاني هو أبو المعالي معتمد بن محمد يروي عن أبيه، ويأخذ العلم عن أبي سهل الإسفراييني، ويروي عنه كتاب أخبار مكة. أما تلاميذه فإن كتب التراجم لا تكشف إلا عن القليل، فيذكر القرشي: أن أبا بكر محمد بن أحمد السمرقندي الملقب بعلاء الدين صاحب “ميزان الأصول في نتائج العقول” في أصول الفقه قد تفقه على الإمام أبي المعين ميمون النسفي، كما تفقه عليه أحمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن مجاهد البزدوي ابن أبي اليسر، عرف بالقاضي الصدر، وهو من أهل بخارى. ومن تلاميذه أبو بكر مسعود بن أحمد الكاشاني، وأحمد بن محمد بن أحمد أبو الفتح الحلمي. ونأخذ من مناظرات فخر الدين الرازي في بلاد ما وراء النهر مع الأحناف الماتريدية أن نور الدين الصابوني صاحب البداية في أصول الدين قد تفقه في علم الكلام على كتاب تبصرة الأدلة لأبي المعين النسفي.
عاش الإمام أبو المعين في القرن الخامس وأوائل القرن السادس الهجري في بلاد ما وراء النهر (آسيا الوسطى حالياً) من بلاد المشرق الإسلامي. كان عصره من أزهى العصور الإسلامية علما في الشرق، فقد كثر فيه النبغاء في كل علم وفن والسبب في ذلك أن الدولة العباسية قد شجعت على العلم بمختلف أنواعه لا سيما حرية الفكر والنظر، فكثرت المذاهب واختلفت الآراء وظهرت الفرق، ولعل هذا كان هو السبب في شحذ همة أبي المعين لتأليف عدة كتب في علم الكلام للرد على الفرق المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة.

يعتبر أبو المعين النسفي علما من الأعلام الذين تخرجوا من مدرسة أبي منصور الماتريدي، ونهجوا منهجه في الاحتجاج، وسلكوا مسلكه في سبيل إعلاء كلمة الحق، فهو يدحض شبه المخالفين وانحرافاتهم بالدليل العقلي والنقلي، وكثيرا ما يتصدى للمعتزلة وبقية الفرق المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة، ويستشهد لمعتقده بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال الصحابة والأئمة المجتهدين.

ويعتبر أبو المعين النسفي من أهم علماء المدرسة الماتريدية لما يلي:

١- أنه جعل من همه نصرة مذهب أهل السنة والجماعة ونشره.
٢- عمل جاهدا على إبطال مذاهب الخصوم والمخالفين بالنقل والعقل.
٣- اعتمد في مناقشاته على اللغة العربية الفصيحة، مع التوسط في العبارة حتى يتمكن القارىء من فهمه.
٤- ابتعد كل البعد عن الاشتغال بالجدل العقيم، والأدلة الغامضة.
٥- فعل في المذهب الماتريدي مثل ما فعل الباقلاني والجويني والغزالي والرازي والآمدي في المذهب الأشعري.

وبنظرة فاحصة ومتأنية في تراث من جاء بعد الإمام أبي منصور الماتريدي يتأكد ذلك حيث قام الجميع بتلخيص فكره، وعلى رأسهم الإمام نجم الدين عمر النسفي صاحب العقائد النسفية، وعبد الله النسفي في عقائده، ونور الدين الصابوني في البداية في أصول الدين. أما أبو المعين النسفي فقد شرح وأضاف ونظم وناقش وحلل الأفكار، وتعامل مع الجزئيات والكليات بعقلانية وموضوعية، مع استرشاد واع وأمين بالقرآن والسنة. وبعمله هذا وضّح المذهب الماتريدي، مما أدى إلى انتشاره في كثير من بلدان العالم، وبخاصة: تركيا وباكستان وأفغانستان والهند وماليزيا وإندونيسيا وألبانيا ومقدونيا وأوزبكستان وغيرها من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.
لقد كان أبو المعين النسفي من العلماء الأعلام المشهود لهم بغزارة العلم وكان أصوليا فقيها متبحرا في العلوم والمعارف، ويعد من أهم وأبرز علماء علم الكلام على مر العصور. فقد حظي بمكانة عالية في علم الكلام والمناظرة ومؤلفاته تشهد بذلك كتبصرة الأدلة والتمهيد وبحر الكلام. واعترف معاصروه بفضله، وكان همزة الوصل بين السلف والخلف، نقل عن السلف كالماتريدي والأشعري، وأخذ عنه الخلف كالإيجي والتفتازاني وغيرهما.

لتنزيل الكتاب اضغط على الصورة أو هنا

كتب مشابهة قد تنال إعجابك

لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.