يعد المذهب الحنفي من أكثر المذاهب التي كتب لها الاستمرار، وقد تلقتها الأمة بالقبول ويُسمى المذهبُ الحنفي بمذهبَ أهل الرأي ايضا، وهو أقدم المذاهب الأربعة، وصاحبه هو الإمام أبو حنيفة النعمان، وتتمثل أهمية هذا المذهب في أنه ليس مجرد أقوال الإمام أبي حنيفة وحده، ولكنه أقواله وأقوال أصحابه، التي كونت مدرسة الحنفية، ويعتبر مذهب الحنفية من المذاهب التي كان لها فضل كبير على الفقه الإسلامي، من خلال تحرير مسائله، وترتيبها في أبواب ، حيث يعد الإمام أبو حنيفة أول من دون علم الشريعة ورتبه أبوابًا، ثم تابعه مالك بن أنس في ترتيب الموطأ، ولم يسبق أبا حنيفة في ذلك أحد، لأن الصحابة والتابعين لم يضعوا في علم الشريعة أبوابًا مبوبة، ولا كتبًا مرتبة، وإنما كانوا يعتمدون على قوة حفظهم، فلما رأى أبو حنيفة العلم منتشرًا، خاف عليه الخلف السوء أن يضيعوه، فدونه وجعله أبوابا مبوبة، وكتبًا مرتبة، فبدأ بالطهارة ثم بالصلاة، ثم بسائر العبادات، ثم المعاملات، ثم ختم الكتاب بالمواريث ” وهو الأمر الذي اعتمده الفقهاء من بعده.
مراحل نشأة وتطور المذهب الحنفي
مر المذهب الحنفي بثلاثة مراحل رئيسية تمثلت في:
١- دور النشوء والتكوين
٢- دور التوسع والنمو
٣- دور الاستقرار
أولًا: دور النشوء والتكوين
وهو دور التأسيس ووضع قواعد المذهب وأصوله الفقهية على يد مؤسسه وتلاميذه المقربين ويشمل هذا الدور عصر الإمام وتلاميذه.
ويبدأ من عام ١٢٠هـ يوم أن جلس الإمام أبو حنيفة للإفتاء والتدريس بعد وفاة شيخه حمّاد بن أبي سليمان، وإن كانت جذور المذهب تمتد إلى ما قبل ذلك، وينتهي بوفاة آخر الأربعة الكبار من تلاميذه وهو الحسن بن زياد اللؤلؤي ٢٠٤هـ.
وفي هذا الدور لم يؤثر أن الإمام أبا حنيفة ألف في الفقه، لأن التدوين في الفقه لم يكن معروفاً في زمانه، وكل ما نقل إلينا بعد ذلك من مسائل الأصول كتبه تلاميذه نقلاً عنه، وقد نقل إلينا أصحاب أبي حنيفة فقهه وجمعوا الآراء التي كان يقولها في مجلس تدريسه، وأول من دوَّن من تلاميذ أبي حنيفة تلميذه الأكبر أبو يوسف الذي ألَّف في الأصول والأمالي.
أما أكثرهم اهتماماً بالتدوين فهو الإمام محمد بن الحسن الشيباني الذي قام بتدوين ذلك الفقه مما رواه بنفسه عن أبي حنيفة أو مما رواه عن أبي يوسف، وقد كان يضع المؤلف ويعرضه على أبي يوسف.
والكتب الأولى التي وضعها الإمام محمد بن الحسن جمعت كلام الإمام وكلام أصحابه أيضًا، وسميت (ظاهر الرواية، وهي ستة كتب؛ المبسوط ويسمى بالأصل، والجامع الصغير، والجامع الكبير، والسير الصغير، والسير الكبير، والزيادات وسُمِّيت بظاهر الرواية لأنها رويت عن محمد برواية الثقات فهي متواترة أو مشهورة عنه، وقد جمع الحاكم الشهيد كتب ظاهرة الرواية في كتاب واحد سماه (الكافي)، وقام بشرحه السرخسي في كتابه (المبسوط)، وهو من الكتب المعتمدة عند الحنفية كما ألف الإمام محمد كتباً أخرى مثل كتاب الجرجانيات، والكيسانيات والهارونيات والنوادر، والرقيات، والحجة على أهل المدينة، وألف الحسن بن زياد اللؤلؤي كتاب (المجرَّد) وهو بمنزلة كتب الصاحبين في المذهب، فالكتب التي كتبت في هذا الدور، وفي مقدمتها كتب الإمام محمد رحمه الله، هي أساس مذهب الامام أبي حنيفة وأصحابه، وهي التي اشتغل بها علماء الحنفية في الدور التالي بياناً وشرحاً، وعليها عولوا، ومن معينها استقوا.
ثانيا: دور التوسع والنمو والانتشار
ويمتد هذا الدور من وفاة الامام اللؤلؤي (ت ٢٠٤هـ) إلى وفاة الإمام عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي خاتمة مجتهدي المذهب (ت ٧١٠هـ). ففي هذا العصر تغير المرجع في المذهب عند الخلاف فأصبح تقديم قول الإمام إذا اتفق معه أحد الصاحبين، وإذا اتفق الصاحبان وخالفهما الإمام فالمرجح رأيهما إذا كانت المسألة مما يتغير بالاجتهاد وفي هذه المرحلة ظهرت بدايات التدوين الجزئي لمسائل أصول الفقه وعكف العلماء على التأليف الذي جاء على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: المختصرات
اهتمت المختصرات بتوضيح الراجح من المذهب، والشروح التي تمحورت حول المختصرات لتشرحها وتستدل على مسائلها، وتوضح الراجح منها، ومن أهم هذه المختصرات:
١- مختصر الطحاوي
٢- الكافي للحاكم الشهيد وقد اختصر فيه الكتب الستة
٣- تحفة الفقهاء للسمرقندي
٤- مختصر القدوري وهو الذي يطلق عليه لفظ الكتاب في المذهب
٥- بداية المبتدي للميرغناني وقد جمع فيه مختصر القدوري مع الجامع الصغير
٦- المختار لأبي الفضل عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي
٧- كنز الدقائق للنسفي
٨- وقاية الرواية لصدر الشريعة
النوع الثاني: الشروح
تمحورت الشروح حول المختصرات لتشرحها وتستدل على مسائلها ومن أهم تلك الشروح
١- المبسوط للإمام السرخسي شرح فيه مختصر الطحاوي
٢- بدائع الصنائع لعلاء الدين الكاساني شرح فيه تحفة الفقهاء للسمرقندي
٣- الهداية للميرغناني وهي شرح لكتابه بداية المبتدي
٤- الاختيار لتعليل المختار للموصلي شرح فيه كتابه المختار
النوع الثالث: الفتاوى والواقعات
تصدى علماء هذا الدور للحوادث التي استجدت بالاجتهاد، وبذلك ظهرت كتب اختصت بالواقعات والنوازل ومن أهمها:
١- فتاوى شمس الأئمة الحلواني
٢- الفتاوى الكبرى للصدر الشهيد
٣- الفتاوى النسفية
٤- فتاوى قاضيخان
وهذه الكتب أصبحت هي المعتمدة فالمختصرات أعلاها اعتماداً ثم الشروح ثم الفتاوى
ثالثا: دور الاستقرار
ويمتد هذا الدور من وفاة الامام النسفي إلى يومنا هذا، وفيه استقر المذهب الحنفي مع مطلع القرن الثامن الهجري وبالتالي أصبح جهد العلماء دائرا حول كتب العصور السابقة ويمكن تقسيم هذا الدور الى عدة مرحلة هي:
المرحلة الأولى
تمتد هذه المرحلة من أواخر الدور الثاني أي من أواسط القرن السابع الهجري إلى القرن العاشر الهجري، وفي هذه المرحلة برزت مؤلفات جديدة لتدعيم المذهب بالدليل، ومنها:
١- المسانيد المنسوبة للإمام أبي حنيفة
٢- اللباب في الجمع بين السنة والكتاب للامام مسعود الانصاري المنبجي
٣- نصب الراية للامام الزيلعي
المرحلة الثانية
تمتد هذه المرحلة من أواسط القرن العاشر الهجري إلى أواخر القرن الثالث عشر الهجري، وتعد بداية لدورة جديدة في التأليف وفيها برزت متون فقهية جديدة معتمدة.. من أشهرها:
١- ملتقى الأبحر للحلبي
٢- تنوير الأبصار للتمرتاشي
٣- نور الإيضاح للشرنبلالي
وتبع ذلك طائفة أخرى من الشروح والحواشي والتعليقات أشهرها حاشية ابن عابدين المسماة “رد المحتار على الدر المختار” وتسمى ايضا “بالفتاوى الشامية”، وقد وضع فيها ضوابط معرفة الرأي المعتمد في المذهب، كما وضح الآراء المعتمدة في الخلافات التي يذكرها.
وشهدت هذه المرحلة بعد ذلك ظهور الفتاوى الهندية بأمر من سلطان المسلمين في الهند، وكان الهدف منها جمع الأقوال المعتبرة للفتوى في المذهب، واعتبرت أول محاولة رسمية لتنقيح المذهب، وبيان الراجح فيه، وكانت آخر محاولة لتقديم الرأي الراجح في المذهب وتحقيق مسائله.
المرحلة الثالثة
تمتد هذه المرحلة من أواخر القرن الثالث عشر الهجري إلى يومنا هذا ظهرت فيه “مجلة الأحكام العدلية”، وكان هدفها إخراج صياغة قانونية للفقه الحنفي في أبواب المعاملات والقضاء لتكون بين أيدي الحكام والقضاة في الدولة العثمانية ويمكن اعتبارها المحاولة الرسمية الثانية لتطوير وتقريب الفقه الحنفي والتي ظهرت فيها المؤلفات الفقهية المذهبية التي تحرص على عرض الفقه الحنفي بأسلوب سهل ميسر مع الدليل وبيان الراجح في المذهب.
أصول المذهب الحنفي
وضع الامام أبو حنيفة النعمان قواعد المذهب الحنفي بقوله «آخذ بكتاب الله تعالى، فإن لم أجد فبسنة رسول الله، فإن لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله أخذت بقول الصحابة، آخذ بقول من شئت منهم وأدع قول من شئت منهم، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين والحسن وعطاء وسعيد بن المسيب -وعدَّد رجالاً- فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا».
وتوسع الحنفية في الاستحسان فأورثوا ثروة فقهية كبيرة وقد أجاب فقهاء المذهب الحنفي بأن الامام أبا حنيفة ما كان يرد صحاح الأحاديث ولا حسانها كما يقال بل كان يتشدد في قبول الحديث أو خبر الواحد، عذره في ذلك أنه في الكوفة وكانت مهد الفتن والتحزب السياسي وانشقاق الفرق والبعض يتساهل ويدلس في الرواية وربما افتعلها انتصاراً لأهوائه، والكوفة بعيدة عن الحجاز مهبط الوحي ومركز السنة فاحتاط الإمام في قبول الحديث والعمل به احتياطاً لشرع الله.
اعتماد المذهب الحنفي على الأسس التالية
١ – القرآن الكريم
القرآن الكريم عند الإمام أبي حنيفة هو المصدر الأول والأعلى في مسائل الفقه، لأنه الكتاب القطعي الثبوت، لا يُشك في حرف منه، وأنه ليس يوازيه ولا يصل إلى رتبته في الثبوت إلا الحديث المتواتر، لذلك لا يرى نسخ القرآن الكريم بخبر الآحاد من السنة، وإنما يعمل بها ما أمكن، وإلا ترك السنة الظنية للكتاب القطعي.
٢– السنة النبوية
لا يجعل الإمام أبو حنيفة السنة النبوية في رتبة واحدة، بل يُقدم مثلاً السنة القولية على الفعلية، لجواز أن يكون الفعل خصوصية للنبي، ويُقدم السنة المتواترة على خبر الآحاد عند التعارض وعدم إمكان الجمع بينهما، بل إنه يترك العمل بخبر الآحاد إذا خالف قاعدة شرعية مأخوذة من نص القرآن أو السنة.
٣ – الإجماع
فما أجمع عليه أصحاب الرسول وما اختلفوا فيه لا يخرج عن أقوالهم إلى أقوال غيرهم، والإجماع: هو اتفاق الأئمة المجتهدين في عصر من العصور بعد انتقال الرسول عن الدنيا على حكم شرعي، والإجماع عند الإمام أبي حنيفة حجة معمول به.
٤ – قول الصحابي
٥ – القياس
وهو إلحاق فرع بأصل فيه نص بحكم معين من الوجوب أو الحرمة، لوجود علة الحكم في الفرع كما هي في الأصل. والإمام أبو حنيفة يُقدم السنة ولو كان حديثاً مرسلاً على القياس، كما يقدم الحديث الضعيف على القياس.
٦ – الاستحسان
وهو طلب الأحسن للاتباع الذي هو مأمور به، وقد بان أن الاستحسان عند الإمام أبي حنيفة ليس اتباعاً للهوى ولا حكماً بالغرض، ولكنه اختيار أقوى الدليلين في حادثة معينة.
٧- العرف والعادة
وهو ما استقر في النفوس من جهة العقول، وتلقته الطباع السليمة بالقبول، والأصل في اعتبار العرف دليلاً شرعياً قول ابن مسعود: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن»، ويكون العرف دليلاً حيث لا دليل شرعي من الكتاب والسنة، أما إذا خالف العرف الكتاب والسنة كتعارف بعض التجار التعامل بالربا، فهو عرف مردود لأنه محادٌّ للشريعة ومخالف لها.
خصائص المذهب الحنفي نوعيته المتمثلة به
١ – شورية المذهب.
٢ – امتزاج الحديث بالرأي.
٣ – استقلاليته بمنهج خاص في أصول الفقه.
٤ – اعتداده بالفقه الافتراضي بمحاولة التعرف على حكم الشيء أو الواقعة قبل الوقوع، للعمل بهذا الحكم عند اللزوم.
التوزيع الجغرافي
نشأ المذهب الحنفي بالكوفة موطن الإمام أبي حنيفة، ثم بدأ في الانتشار بالقرن الرابع الهجري، وكان الغالب على أهل صنعاء وصعدة باليمن، والغالب على فقهاء العراق وقضائه، وكان منتشراً بالشام، وكان المذهب الحنفي في إقليم الشرق أي خراسان وسجستان وما وراء النهر وغيرها، وكان أهل جرجان وبعض طبرستان من إقليم الديلم حنفية.
وكان غالباً على أهل دبيل من إقليم الرحاب الذي منه الران وأرمينية وأذربيجان وتبريز، وموجوداً في بعض مدنه بلا غلبة، وكان غالباً على أهل القرى من إقليم الجبال، وكثيراً في إقليم خوزستان المسمى قديماً الأهواز، وكان لهم به فقهاء وأئمة كبار.
وكان بإقليم فارس كثير من الحنفية، إلا أن الغلبة كانت في أكثر السنين للظاهرية، وكان القضاء فيهم. وكانت قصبات السِّند لا تخلو من فقهاء حنفية، كما أن أهل سجستان كانوا حنفية، وكان ملوك بنجالة بالهند جميعاً حنفية.
تدارسه العلماء بعد وفاة أبي حنيفة ببغداد، ثم انتشر بعد ذلك في البلاد الإسلامية، وفي البلقان، والقوقاز، وأفغانستان، وتركستان (الشرقية والغربية)، وباكستان، وبنغلاديش، وشمال الهند، ومعظم العراق وتركيا وسوريا ولبنان ومعظم المسلمين في الاتحاد الروسي، والصين، و في السعودية يوجد أعضاء يمثلون المذهب الحنفي في هيئة كبار العلماء السعودية وفي مصر كانوا لا يعرفون المذهب الحنفي حتى وَلَّى الخليفة المهدي قضاءها لإسماعيل بن اليسع الكوفي سنة 146هـ، وهو أول قاضٍ حنفي بمصر، وأول من أدخل إليها المذهب الحنفي، وانتشر في عهد العباسيين، ثم الأيوبيين ولما فتح العثمانيون مصر حصروا القضاء في الحنفية، وأصبح المذهب الحنفي مذهب أمراء الدولة وخاصتها، إلا أنه لم ينتشر بين أهل الريف (الوجه البحري) والصعيد انتشاره في المدن ولم يزل كذلك إلى اليوم.
أهم المؤلفات
هناك العديد من المؤلفات في المذهب الحنفي فمن أهمها:
١- الفقه الكبير للامام ابي حنيفة
٢- مسند الحديث للامام ابي حنيفة
٣- كتاب العالم والمتعلم للامام ابي حنيفة
٤- الفقه الاكبر للامام ابي حنيفة
٥- الوصية للامام ابي حنيفة
٦- الفقه الابسط للامام ابي حنيفة
٧- الأصل (احد كتب ظاهر الرواية) للامام محمد الشيباني
٨- الجامع الكبير (احد كتب ظاهر الرواية) للامام محمد الشيباني
٩- الجامع الصغير (احد كتب ظاهر الرواية) للامام محمد الشيباني
١٠- السير الكبير (احد كتب ظاهر الرواية) للامام محمد الشيباني
١١- السير الصغير (احد كتب ظاهر الرواية) للامام محمد الشيباني
١٢- الزيادات (احد كتب ظاهر الرواية) للامام محمد الشيباني
١٣- نصب الراية على احاديث الهداية للامام الزيلعي
١٤- المبسوط لشمس الدين السرخسي
١٥- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني.
١٦- الهداية للمرغيناني.
١٧- حاشية ابن عابدين، “رد المحتار على الدر المختار.
١٨- عقود الجواهر المنيفة في أدلة مذهب الامام أبي حنيفة.
١٩- الاختيار في تعليل المختار للموصلي.
٢٠- اللباب في شرح الكتاب للقدوري.
٢١- اعلاء السنن للامام ظفر عثماني التهانوي
٢٢- مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر.
٢٣- النوادر للإمام محمد الشيباني
٢٤- الجرجانيات للإمام محمد الشيباني
٢٥- الهارونيات للإمام محمد الشيباني
٢٦- الكيسانيات للإمام محمد الشيباني
٢٧- الرقيات للإمام محمد الشيباني
٢٨- الكافي للحاكم الشهيد المروزي
٢٩- مختصر الهداية للمرغياني وشروحه
٣٠- فتح القدير للكمال بن الهمام
٣١- اللباب في الجمع بين السنة والكتاب للامام المنبجي
٣٢- درر الحكام في شرح مجلة الأحكام للامام علي حيدر خواجه أمين أفندي
٣٣- الفرائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية للامام محمود حمزة
٣٤- تحفة الفقهاء لعلاء الدين محمد بن أحمد السمرقندي
٣٥- مختصر القدوري لأبي الحسين أحمد بن محمد القدوري
٣٦- شرح الوقاية للامام عبيد الله بن مسعود بن برهان الشريعة
٣٧- المختار لأبي الفضل مجد الدين عبدالله بن محمود الموصلي
٣٨- مجمع البحرين لمظفر الدين أحمد بن علي المعروف بابن الساعاتي
٣٩- كنز الدقائق لأبي البركات حافظ الدين عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي
٤٠- البحر الرائق للشيخ زين الدين بن ابراهيم بن محمد الشهير بابن نجيم
وهناك كتب كثيرة لا تقل اهمية عن ما ذكر ويتميز المذهب الحنفي بكثرة المؤلفات فيه والتي امتدت لقرون طويلة وحتى يومنا هذا.
نبذة عن حياة إمام المذهب
الإمام أبو حنيفة النعمان
ولد الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى بن ماه، في الكوفة سنة ٨٠ هجرية، الموافقة لسنة ٦٩٩ميلادية.
نشأته
نشأ أبو حنيفة بالكوفة وتربى فيها، وعاش أكثر حياته فيها، انضم الى حلقات العلم في سن مبكر، وكانت حلقات العلم في ذلك العصر ثلاثة أنواع: حلقات للمذاكرة في أصول العقائد، وهذا ما كان يخوض فيه أهل الفرق المختلفة، وحلقات لمذاكرة الأحاديث النبوية وروايتها، وحلقات لاستنباط الفقه من الكتاب والسنة، وقد ذكرت المصادر عدة روايات عن الامام أبي حنيفة تدل على أنه عندما تفرغ لطلب العلم اتجه إلى الفقه بعد أن استعرض العلوم المعروفة في ذلك العصر، واختار أولاً علم الكلام والجدل مع الفرق، ثم انصرف عنه إلى الفقه ثم حفظ القرآن على قراءة عاصم، وعرف قدراً من الحديث، وقدراً من النحو والأدب والشعر، وجادل الفرق المختلفة في مسائل الاعتقاد وما يتصل به، وكان يرحل لهذه المناقشة إلى البصرة، وكان يمكث بها أحياناً سنةً لذلك الجدل، ثم انصرف بعد ذلك إلى الفقه، واتجه إلى دراسة الفتيا على المشايخ الكبار الذين كانوا في عصره، ولزم واحداً منهم، أخذ عنه وتخرج عليه، ثم لزم الشيخ حماد بن أبي سليمان، وتخرج عليه في الفقه، واستقر معه إلى أن مات، وكان أبو حنيفة في الأربعين من عمره ليستقل بالدرس والبحث، وتولى حلقته بعد ذلك، وكان مع ملازمته لشيخه حماد قد لاقى غيره من الفقهاء والمحدثين، وجلس أبو حنيفة وهو في الأربعين من عمره في مجلس شيخه حماد بمسجد الكوفة، وأخذ يدارس تلاميذه ما يعرض له من فتاوى، وما يبلغه من أقضية، ويقيس الأشياء بأشباهها، والأمثال بأمثالها، حتى وضع تلك الطريقة الفقهية التي اشتُق منها المذهب الحنفي.
وعندما دعا أبو جعفر المنصور أبا حنيفة ليتولى القضاء امتنع، فأنزل به العذاب بالضرب والحبس، أو الحبس وحده على اختلاف الروايات، ويروى أن أبا جعفر حبس أبا حنيفة على أن يتولى القضاء ويصير قاضي القضاة، فأبى حتى ضُرب مئة وعشرة أسواط، وأخرج من السجن على أن يلزم الباب، وطلب منه أن يفتي فيما يرفع إليه من الأحكام، وكان يرسل إليه المسائل، وكان لا يفتي، فأمر أن يعاد إلى السجن، فأُعيد وغُلظ عليه وضُيق تضييقاً شديداً.
وقد اتفق الرواة على أنه حُبس، وأنه لم يجلس للإفتاء والتدريس بعد ذلك، إذ إنه مات بعد هذه المحنة أو معها، ولكن اختلفت الرواية: أمات محبوساً بعد الضرب الذي تكاد الروايات تتفق عليه أيضاً؟ أم مات محبوساً بالسم فلم يُكتف بضربه بل سقي السم ليعجل موته؟ أم أُطلق من حبسه قبل موته فمات في منزله بعد المحنة ومُنع من التدريس والاتصال بالناس؟ فاجمالا قد توفي الامام أبو حنيفة في رجب وقيل في شعبان وقيل لإحدى عشرة ليلةً خلت من جمادى الأولى سنة ١٥٠هـ، وقيل توفي في اليوم الذي وُلد فيه الإمام الشافعي، وكانت وفاته في بغداد، ودفن في مقبرة الخيزران.
مؤلفاته
عرف عن الامام أبي حنيفة قلة مؤلفاته والتي هي:
1- الفقه الأكبر
2- الفقه الأبسط
3- العالم والمتعلم
4- الرسالة لمقاتل بن سليمان صاحب التفسير، والرسالة لعثمان البتي فقيه البصرة
5- الوصية وهي وصيتان وصية عقائدية ووصية لتلميذه ابي يوسف
6- وجُمع حديث أبي حنيفة في سبعة عشر مسنداً، وكان أبو حنيفة أول من صنف في الحديث النبوي الشريف مرتباً على أبواب الفقه.
اهم تلاميذ الامام أبي حنيفة
للامام ابي حنيفة العديد من التلاميذ فمنهم:
يعقوب الانصاري (أبو يوسف القاضي)
هو يعقوب بن ابراهيم الأنصاري ولد سنة ١١٣ للهجرة ولما شب اشتغل بالحديث فنبغ فيه وأخذ الفقه عن ابن أبي ليلى ثم انقطع إلى الامام أبي حنيفة، وقد رحل إلى الحجاز وأخذ عن الإمام مالك وناظره في بعض المسائل، ولذا كان يعتبر أول من قرب بين مدرستي أهل الحديث وأهل الرأي، وقد تولى القضاء سبعة عشر سنة في زمن الهادي والمهدي والرشيد، ويقال أن مؤلفاته بلغت أربعين كتاباً لم يبق منها إلا أربعة كتب وأشهرها “الخراج” .
زفر بن الهذيل
هو زفر بن الهذيل بن قيس الكوفي ولد سنة ١١٠للهجرة وكان من أهل الحديث ثم بلغ عليه الرأي، وقد شهد الإمام أبوحنيفة بأن زفر إمام من أئمة المسلمين وعلم من أعلامهم، وتوفي سنة ١٥٨ للهجرة، فهو أقدم أصحاب أبي حنيفة موتاً.
محمد بن الحسن الشيباني (ابو عبد الله)
محمد بن الحسن الشيباني ولد بالعراق سنة ١٣١للهجرة أو أوائل سنة ١٣٢ للهجرة ونشأ بالكوفة، ودرس فقه العراق على أبي حنيفة وأبي يوسف، ورحل إلى الإمام مالك فأخذ عنه فقه أهل الحجاز وروى عنه الموطأ، والإمام محمد هو أول من دون الفقه العراقي تدويناً علمياً شاملاً، وهو أول من كتب في العلاقات الدولية الإسلامية كتاباً جامعاً هو (السير الكبير)، فهو مجتهد مطلق لا يقل مرتبة عن الأئمة الذين نسبت إليهم المذاهب.
الحسن بن زياد اللؤلؤي
هو الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، اشتغل بالسنة ثم بالفقه، وقد تتلمذ لأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ورواياته الفقهية عند الحنفية قليلة بالنسبة للثلاثة، وتوفي سنة 204 للهجرة .
النتائج
1- انتشار المذهب الحنفي يعود الى كثرة تلاميذ الامام أبي حنيفة وتابعيهم وعنايتهم بنشر آرائه واستنباط علل الأحكام ثم جمع فروع المذهب ووضع القواعد والنظريات التي جمعت أشتاته.
2- ارتبط المذهب بأهل السلطة والدولة وهو ما ادى الى انتشاره في مواطن كثيرة ذات أعراف مختلفة ومتعددة من خلال تبني دولٍ إسلامية كثيرة لهذا المذهب حتى فرضته على قضاتها ومدارسها، فصار له ذلك الانتشار الكبير، وقد ابتدأ ذلك بالدولة العباسية، وانتهى بالدولة العثمانية، بالإضافة إلى دولة السلاجقة، والغزنوية، وغيرهما .
3- المذهب الحنفي مذهب فقهي يقابله المذاهب الفقهية الشهيرة كالمذهب الشافعي، والمذهب الحنبلي والمالكي.
4 – يحمل معظم أتباع المذهب اعتقاد “الماتريدية” من اهل السنة والجماعة، أتباع الامام أبي منصور محمد بن محمد السمرقندي الماتريدي الحنفي، والذي بدوره شرح كتب الامام ابي حنيفة العقائدية الخمسة.
5- لين المذهب وعدم تشدده ساعد على انتشاره وارتباطه بالحكام والسلطة ومرونته في المسائل الفقهية وكثرة تشعبها بسبب مسائله الافتراضية وبسبب تغلغله في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من مناحي الحياة.
6- يأخذ المذهب الحنفي بالكتاب الكريم كسائر الأئمة، ويأخذ بالسنة وان كان له مسلك خاص نحوها فهو يتشدد قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقبله إلا إذا رواه جماعة عن جماعة أو كان خبرًا اتفق فقهاء الأمصار على العمل به أو روى واحد من الصحابة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمع منهم فلم يخالفه أحد.
المصدر: موقع بوابة الحركات الاسلامية